samedi 28 juillet 2012

مئتا يوم.... وسيظل التوافق هو الحل


تعيش التجربة الديمقراطيّة التونسيّة الراهنة بعد 200 يوم من استلام الترويكا زمام الحكم في تونس حالة من المخاض العسير منذ انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي كانت حبلى بالمفاجآت، وكذلك تشابك المصالح واختلاف الآراء والتوجّهات بين مختلف عناصر الكتل صلب "التأسيسي". ولئن كان يحقّ لهذه المكوّنات السياسيّة متابعة أوّل حكومة ديمقراطيّة في البلاد وتقييم أداءها بكل دقة وشفافية، فإنها مدعوّة بكلّ جديّة إلى وضع مصالح البلاد العليا ومكتسباتها التاريخيّة فوق كلّ الاعتبارات الذاتيّة والفئويّة التي من شأنها تعطيل المسار الديمقراطي ضمن المشهد السياسيّ التونسي منذ الرابع عشر من جانفي الفارط.



فكما أنّه من حق أصحاب الأغلبيّة في المجلس التأسيسي طرح أفكارهم وتصوّراتهم وتعيين كوادرهم لإدارة البلاد ، فإنّه من العدل والعقل أيضا أن يكون لأصحاب الأقليّة من المقاعد دورهم هم أيضا في رسم ملامح الطيف السياسي القادم في البلاد وإن كان من قبيل التشاور والتناصح، بل ومن الحكمة أيضا عدم تجاهل بعض القوى ذات الوزن السياسيّ الفاعل على الساحة والتي لم يسعفها الحظّ في الوصول إلى المجلس التأسيسي لأسباب مرحليّة مختلفة ومتعددة.



ومن هنا كان لابدّ للقوى السياسيّة الصاعدة في المرحلة المقبلة رسم خطوطها الاستراتيجيّة العريضة وخارطة طريقها في السير نحو التحوّل الديمقراطي، طلبا لنموذج سياسيّ منشود ومستحقّ، على اعتبار عنصري التفاعل والتشريك، وذلك مع مختلف الأحزاب السياسيّة ومكوّنات المجتمع المدني التي تزخر بالكفاءات والمشاريع الفكريّة والسياسيّة والاجتماعيّة وغيرها..


ورغم أنّ جهود الحكومة في قيادة البلاد بكل ثقة وكفاءة مازالت متعثّرة تؤثر فيها الخلافات والتجاذبات في المجلس التأسيسي والإعتصامات والطلبات في كافة الجهات ، والتي تحددها أحيانا مواقف شخصيّة وأحكام متسرعة ومسبقة، فإنّ التوافق في هذه المرحلة منهج لابدّ من أخذه بعين الاعتبار والعمل على تحصيله بشتى الأثمان لأنّه يحدد المصلحة العامة للبلاد والشعب، ولأنّه الحلّ الأمثل للتقدم وتجاوز العراقيل والخلافات التي قد لا يكون وراءها غير إضاعة الوقت وإهدار الطاقة والمال.

ولا نعتقد في هذا الإطار أنّ البلاد قد تتحمّل بعض المجازفات التي قد تأتي بمفاجآت كلّ المؤشرات لا تنبئ بإيجابيّتها، خاصّة وأنّ عديد القضايا والملفّات الشائكة والحسّاسة مازالت لم تحلّ بعد من قبيل ملفّات الفساد والمحاسبة وشهداء وجرحى الثورة، كما أنّ الإعلام والقضاء مازالا يعانيان من الوصاية والتوجيه من قوى سياسيّة قديمة وجديدة مختلفة.

ومن هذا المنطلق على حكومة الترويكا أن تبادر بالتحرّك نحو تسريع الأمور أو إيجاد حلّ جذري يقطع مع كلّ انفلاتات سياسيّة والاجتماعية قد تكون نتائجها عكسيّة وغاية في السلبيّة على التجربة الديمقراطيّة التونسيّة.
ولعلّ هذه التجربة الصعبة والمخاض العسير الذي تمر به بلادنا بعد فترة قاسية من الدكتاتوريّة والظلم، يتطلبّان فكرا استباقيّا وحلولا جذريّة وإرادة سياسية صلبة في أكثر المناصب حساسيّة في التشكيلة الحكوميّة . فصفات أساسيّة مثل الفاعلية والكاريزما السياسية والبراغماتيّة شبه غائبة في عدة مواقع وزارية مما أدى بوضوح لبطئ كبير في اتخاذ القرارات وتفعيل خطط عمل تتطلبها استثنائية المرحلة. 

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire