تونس أولا

فلا عاش في تونس من خانها * ولا عاش من ليس من جندها * نموت ونحيا على عهدها * حياة الكرام وموت العظام

إسكندر الرقيق

يعتبر اسكندر الرقيق من الكفاءات الشابة التي خرجت إلى النور من رحم ثورة الكرامة و ...

lundi 9 février 2015

والله... بوغلاب ..."غلب علي"... و غلبني ...

في برنامج 24/7 على الحوار التونسي منذ يومين الذي ينشطه الإعلامي المحترم إلياس الغربي ، الصحفي بو غلاب حكى حكاية ... 

لم أستطع والله أن أنساها واجعلها تمر مرور الكرام بدون التعليق عليها ...

بوغلاب هذاك إللي عمل فيها "أسد" قبل أسبوع على زوجة الشهيد الطاهر العياري وام الأسير ياسين العياري ...
حكى حكاية عظيمة ...

بوغلاب هذاك إللي كان "نعامة" قدام سي الباجي وقت الحملة الانتخابية و اللي وقتها سي الباجي رمى الأوراق في وجهو .... 

حكى حكاية مؤثرة جداااا...

هذه هي خلاصة حكاية بوغلاب ... (بأسلوب الأدب الساخر)

يروى انه هناك طالب من المنفيين في صحراء رجيم معتوق في ثمانينات القرن الماضي ، ومن المحسوبين على جماعة الاتجاه الاسلامي انذاك ، جاع كثيرا كثيرا ولم يعد يحتمل من شدة الجوع ،،،
فطلب من أحد زملائه (وكان من قيادات الإسلاميين) في خيمة الاتحاد التونسي للطلبة باش يعطيه دينار واحد باش يشري حكة سردينة لانه لم يعد يتحمل الجوع ،،،
ياخي هذا الإسلامي قال له خليني نشاور القيادة واذا وافقت القيادة توا تعطيك الدينار باش تشري حكة السردينة،،،
ومرت الايام والاسابيع ولم يأت خبر القيادة ،،،
و من بعد طفاه ،،،
وما عطاهوش الدينار باش يشري حكة السردينة ...

ياخي من شدة الجوع خرج هذا الطالب القريب ايديولوجيا من الاتجاه الاسلامي والمنفي في رجيم معتوق يمشي حزينا جائعا هائما على وجهه في الصحراء ، فاصطاد ثعبانا صحراويا سمينا،، واشعل النار وشواه وبدأ يأكل فيه ويحمد الله أن ابدله السردينة بحنش صحراوي يعمل الكيف ،،،

وبينما هو كذلك، إذ مر به السيد محسن مرزوق《اعانه الله في مهامه في قصر قرطاج 》، ومعه الشهبد شكري بلعيد《رحمه الله》، فقالا له ماذا تفعل "أيها الابله" ،،،

فرد عليهم : آكل ثعبانا من شدة الجوع،،،

فبكى شكري بلعيد رحمه الله بكاءا شدبدا ، ثم مد يده لجيبه واخرج 20 دينارا ، ثم أعطاه ال 20 دينار كاملة ... 

ثم قال له إذا احتجت أي شيء من الآن فصاعدا ، فخيمة اتحاد طلبة تونس تحت ذمتك في أي وقت ... وقيادة اليسار في خدمتك إلى أن يرفع الله عنا هذه الغمة ...
(في القصة لم يصف لنا بوغلاب شعور سي محسن مرزوق ولا ردة فعله حتى لا يتهم بضرب البندير وحتى لا يشوش على أضواء  "فعاليات" الذكرى الثانية لاغتيال الشهيد شكري بلعيد)

وبعد ما أكمل بوغلاب الحكاية العظيمة متاعو والمروية عن الطالب ، كانني رأيت الإعلامي إلياس الغربي يبلع في ريقه وهو محرج ،، وقلب الموضوع بسرعة ،،،

فقلت في نفسي:
☆ غفر الله للطالب الإسلامي الذي "لم يشتري لزميله علبة السردينة "
☆ وسامح الله قيادة الاتجاه الاسلامي التي لم توافق على صرف الدينار لشراء حكة السردينة ...
☆ وشكر الله سعي الشهيد شكري بلعيد ورحمه رحمة واسعة لأنه أعطى 20 دينار كاملة ، واسال الله ان يجعل ذلك في ميزان حسناته...
☆ و أعان الله سي محسن مرزوق (المذكور في القصة) في مهامه في قصر قرطاج رغم أن القصة لم تذكر لنا ردة فعله تجاه الطالب الجائع، آكل لحم الثعابين حتى لا يتهم الراوي بهزان القفة أو رحي الفرينة ...
☆ واخيرا وليس آخرا اقول:
أصلح الله حال،،، وعقل ،،، ورأي ،،، الصحفي بوغلاب...
بوغلاب اللي غلب علي و غلبني بهذه القصة وغيرها من الحكايات الفارغة متاعو ...
وربي يقدر الخير
إسكندر

كيف يتم السيطرة علينا دون أن نشعر ؟؟؟

نبدأ بمثال بسيط:
عندما تزور صديقا لك في بيته ويسألك: تشرب شاي أو قهوة ؟
فإنه يستحيل أن يخطر ببالك أن تطلب عصيرا ـ مثلآ-..

وهذا الوضع يسمى:(أسلوب تأطيري) جعل عقلك ينحصر في اختيارات محددة فرضت عليك لا إراديآ ومنعت عقلك من البحث عن جميع الاختيارات المتاحة....
بعضهم يمارس ذلك بدون إدراك...
وبعضهم بهندسة وذكاء...
والقوة الحقيقية عندما يمارس هذا الأسلوب بقصد وعندما يحاولون التأثير عليك لتختار ما يريدون هم بدون أن تشعر...
تقول أم لطفلها:
ما رأيك.. هل تذهب للفراش الساعة الثامنة أم التاسعة؟
سوف يختار الطفل الساعة التاسعة.. وهو ما تريده الأم مسبقاً دون أن يشعر أنه مجبر لفعل ذلك بل يشعر أنه قام بالاختيار...
ونفس الأسلوب يستخدم في السياسة والإعلام...
ففي حادث تحطم طائرة تجسس أمريكية في الأجواء الصينية وبعد توتر العلاقات بين البلدين...
خرج الرئيس الأمريكي وقال:
إن الإدارة الأمريكية تستنكر تأخر الصين في تسليم الطائرة الأمريكية...
جاء الرد قاسي من الإدارة الصينية بأنهم سوف يقومون بتفتيش الطائرة
للبحث عن أجهزة تصنت قبل تسليمها..!
القضية كانت حقيقة هي هل تسلم الصين الطائرة لأمريكا أم لا؟
ولكن الخطاب الأمريكي جعل القضية هي التأخر..!
لماذا تأخرتم ...
فجاء الرد الصيني أنهم قبل التسليم سوف يتم تفتيشها وهذه موافقة مضمنه على تسليم الطائرة ...
لكن متى أراد الصينيون ذلك...
وفي حرب احتلال العراق كانت المعركة الفاصلة معركة المطار .... فقامت وسائل الإعلام بتعبئة الطرفين على أن المعركة الحاسمة هي (معركة المطار)...
فأصبحت جميع وحدات القوات المسلحة العراقية تترقب هذه المعركة...
وعندما سقط المطار..
شعر الجميع أن العراق كله سقط وماتت الروح المعنوية للجيش العراقي ..!
والآن تلعب وسائل الإعلام نفس اللعبة في مجتمعاتنا المنهكة بالجهل وإنعدام الوعي...
هذا أسلوب واحد من عدد كبير من الأساليب التي تجعلك لا ترى إلا (ما بريد هو )...
وهو أسلوب قوي في قيادة الآخرين والرأي العام من خلال وضع خيارات وهمية تقيد تفكير الطرف الأخر ..
وهكذا الإعلام..
دائماً ما يضع الحدث في إطار يدعم به القضية التي يريدها …
لذا عليك أن تتعرف على الأطر التي تقودك في هذه الحياة ، من خلال ما تقوله لنفسك...
فعندما تقول :
أنا لا استطيع .. فإنك وضعت نفسك في إطار مغلق...
وهذا الإطار لن تخرج منه وستسجن فيه ولن ترى أي فرصه تجعلك تستطيع أبداً...
وعندما تقول:
أنا تعيس سوف لن ترى أي طريق يؤدي إلى السعادة…
وكل جملة تقولها تعمم كفكرة ..
وتحذف عكسها وتضعك في إطار يقيدك في عقلك...
انتبه لكل سؤال يقال لك...
أو خبر..
أو معلومة تصلك،
فإنه قد يسلبك عقلك وقرارك وقناعاتك...
وسوف يقيدك ..
وأخطر من ذلك,
إطار التوقعات أو ما يعرف ب(الافتراض المسبق) وهو ماتقوله لنفسك قبل البدء بالعمل أو المشروع...
الأحكام المسبقة قد تدمرك وتعيق كل خطواتك...
كأن تقول لنفسك مثلآ:
أنا أعرف أن هذا الموضوع سيفشل...
هذا إطار يجعلك لا ترى إلا ما يساعدك على الفشل فتصبح قدرتك على ملاحظة ما يدمر حياتك عالية جداً...!
الاعتقادات أقوى ما يقيد الناس...
كل اعتقاد مسبق هو (قيد)....
وهذه الاعتقادات قد أصبحت عند البعض من العادات, مثل شرب القهوة أو تغيير الملابس...
فلا يستطيع صاحبها أن يتحرر من هذه القيود بسهولة...
كلما زاد وعي الإنسان ومعرفته , استطاع أن يخرج من هذه الأطر والقيود وهذه الأطر هي لعبة الإعلام والسياسة والخطباء والكتاب ...
لكي يقودونك إلى مايريدون هم...
لا إلى ماتريد أنت..!
توقف الآن وفورآ...
وتأمل واصنع الإطار المناسب لك لا القيد..
من يضع الإطار فإنه يتحكم في النتائج .

العروي الليلة اتبع هذا الأسلوب في محاولة للتغطية على حادثة إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين واستعمال العنف المفرط وقتل شاب صغير في الذهيبة...

قال انه تم حرق المراكز الأمنية وحرق منازل الامنيين ولم تنقل لنا الوطنية الأولى أي صورة تثبت ذلك ،،،
ثم أضاف ان هجوما وقع على النقطة الحدودية من قبل مواطنين عزل ، مما قد يسهل دخول الإرهاببيين ،،،

فربط بذلك احتجاجات اجتماعية عن وضع اقتصادي متردي بخطر دخول الإرهاب ومهمة التصدي له ...
فوضع المستمع في إطار صممه بعناية لخلق رأي عام آخر قد يكون مغاير للحقيقة تماما ...
وربي يقدر الخير


samedi 24 janvier 2015

على طريق الفشل نحن سائرون ،،،


على طريق الفشل نحن سائرون ،،، 
وبمنهج رومانيا واليونان نحن مقتدون .. 
وفي التخلف والفساد نحن باقون ...
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆

رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ينتهي من تكوين حكومة "الدولة العميقة" عوضا عن حكومة "الوحدة الوطنية" ،،،
والتي تستجدي في "ود" الإدارة البيروقراطية المتضخمة ،،،،
والتي كذلك تبحث عن "رضا" المافيا المسيطرة على اتحاد الشغل،،، 

وذلك من خلال : 
1- تعيين الصف الثاني من التقنوقراط البروقراطيين الاداريين التجمعيبن كوزراء وكتاب دولة ،،،
2- تطعيم الحكومة ببعض رموز التقنوقراط اليسارين،،،من أصدقاء الإدارة العميقة، وحلفاء المافيا المسيطرة على اتحاد حشاد ...

وهكذا يعيد التاريخ نفسه،،،
ونظل بعيدين سنوات ضوئية عن الإصلاح المنشود...

فالترويكا ارتبكت واربكت وضعفت ، ولم تجرؤ على الشروع في الإصلاحات التي طالما حلمنا بها ...
وفوتت فرصة العمر في انطلاقة اقتصادية حقيقية لتونس تقطع نهائيا مع منوال التنمية الفاشل للجمهورية الأولى ...

الآن ستأتي حكومة سي الباجي الصيد ببرنامج ترقيعي لن يحقق المطلوب في الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والفكري ، وستسير هذه الحكومة مع رئيسها الفعلي "الشيخ الهرم" على خطى ساسة رومانيا بعد تشاوسيسكو نحو الفشل الذريع وإرجاع الديكتاتورية...

بالفعل ،،،
نحن سياسيا نسير على خطى رومانيا بعد ثورتها العظيمة على تشاوسيسكو،،،

اما اداريا واقتصاديا فنحن على خطى افلاس اليونان منحدرون ،،،
ذلك "اليونان" المرتهن اليوم بين مطرقة الإدارة البيرقراطية المتضخمة،،،
وسندان مافيا النقابات المسيسة ، ومافيا الانتهازيين المتنكرين بجبة اليسار...

وربي يقدر الخير
إسكندر الرقيق

lundi 23 décembre 2013

من وحي الفرانشيز ... التجاري ،،، والجمعياتي

حضرت مؤخرا افتتاح محل جديد للعلامة التجارية "زان" بصفاقس...

علامة تونسية 100% فرضت نفسها في السوق التونسية بأكثر من 20 فرعا ... 
وقريبا ستفتتح فروعا خارج تونس...
علامة تجارية تعتبر فخرا لكل التونسيين والتونسيات... 

أصحابها قبلوا التحدي قبل عدة سنوات بعد اجتماع عاصف مع مدراء ماركة ZARA وكانو يتفاوضون لإدخال هذه الماركة الأسبانية لتونس...
أحسوا في ذلك الوقت بالغبن،،،،
فقرروا أن يتخلو عن الفكرة وأن يبتكروا علامة تجارية خاصة بهم...
النخوة الوطنية جعلتهم يبدعون...
ويبتكرون،،،
فنجحوا...
ثم جاء من بعدهم أناس آخرون أدخلوا زارا لتونس... فكانوا مقلدين وراضخين لإملاءات الأجنبي...

أشهد الله أني لما دخلت المحل الجديد الكبير "Giant MEGA Store" في صفاقس وقبله الذي في البحيرة بالعاصمة، أحسست بالفخر وكأنني في أحد أشهر الماركات العالمية في باريس أو لندن أو دبي...
(ولما خرجت للشارع صفعتني الزبالة المنتشرة والمرمات متاع صفاقس الجديدة فأجهشت بالبكاء)

العقل التونسي قادر أن يبدع علامات تجارية ويغزو بها العالم...
لو توفرت الإرادة...
- "باقاتي باقات" لصاحبها العصامي سفيان الغالي فعلت ذلك بالرغم من الإمكانيات القليلة...
- حلويات المصمودي انتشرت وصارت علامة عالمية وهي فخر كذلك لكل التونسيين لأنها عرفت بعبقرية التونسيين في صنع الحلويات...
- HA أو "حمادي عبيد" بدأ بمحل صغير في المدينة العتيقة بصفاقس ثم انطلق إلى آفاق رحبة ...
وغيرهم كثيرون ....

صحيح أن الفرانشايز تنقل لنا أفضل أساليب الإدارة والخدمة...
لكن ممكن أن نحصل عليها بطرق أخرى لو توفرت الإرادة...

والله أستغرب من بني وطني من رجال الأعمال الذين بدأوا يتهافتون على العلامات التجارية الأجنبية ...
فلا يحسنون التفاوض في عقود الفرانشيز ...
وسيقعون فريسة للإستغلال وإملاءات الأجنبي...

والمصيبة....
والأدهى والأمر،،،
والطامة الكبرى،،،
أن العدوى انتقلت ...
فصرنا نستورد حتى،،،
العلامات،،، وفرانشيزات ،،، والماركات ،،،
متاع النوادي والجمعيات الأهلية المشبوهة مثل الليونز والروتاري والماسونية،،،

في الحقيقة صعقت وأنا أرى شبابا وشابات يمسكن بالطابور للدخول لصالة قرطاج في برد ليل الشتاء القارس لحضور حفل راقص من تنظيم نادي ليونز صفاقس...

حتى في المجتمع المدني والعمل الجمعياتي صرنا نقلد وغير قادرين على الإبداع...
شبابنا وبناتنا يقعون فريسة نشاط نوادي مشبوهة لمجرد أنها ماركات عالمية مرتبطة بتنظيمات وجمعيات أجنبية... مغلفة بأهداف نبيلة...

وربي يقدر الخير
إسكندر الرقيق

mercredi 11 décembre 2013

ماذا بعد الحوار الوطني؟

في يوم 14 ديسمبر سيعلن عن الإنتهاء من "الحوار الوطني" ،  لذلك وجب قراءة المشهد السياسي بنظرة جديدة وبحنكة كبيرة وتوقع الغير متوقع ورسم العديد من السيناريوهات التي قد تنتج عن الإعلان على نجاح الحوار من فشله .
لقد خيم الاستقطاب والانتماء الإيديولوجي وانعدام الثقة وتضارب المصالح على هذا الحوار الوطني، وغابت عنه الإرادة الواضحة للسعي لتوفير الضمانات اللازمة لبلوغ انتخابات حرة ونزيهة في أقرب وقت ممكن ، وبالتالي الخروج بمسار اانتقال الديمقراطي وبتونس من أزمتها السياسية التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.

وقد قرن مع الأسف هذا الحوار في بعض مراحله  بالمطالب المتعددة لإسقاط حكومة الترويكا ، وحتى عزل الرئيس محمد المنصف المرزوقي من منصبه ، في محاولات فاشلة لإيجاد حل عبر المحاصصة وليس الانتخابات وبوساطات ودفع أجنبي .

v     خارطة الطريق ممتازة ينقصها برنامج إصلاحي جريء :
غاب عن خارطة الطريق أي رؤية إصلاحية أو برنامج يأخذ بعين الإعتبار أهداف الثورة . فكانت خارطة عمل جافة مقرونة برزنامة زمنية صلبة لا تمت للواقع بصلة. ومع ذلك رضيت بها كل الأطراف المشاركة في الحوار وشرعت في التفاوض بموجبها.

وحاول الرباعي الراعي للحوار أن يبرز حياديته ووقوفه على مسافة واحدة من جميع الفرقاء المتحاورين إلا أنه في أكثر من موقف أثبت انحيازه لجبهة الإنقاذ وخاصة للجبهة الشعبية التي هي أحد مكوناته .

ورغم تحفظي على الحوار ، ستظل خارطة الطريق ، رغم علاتها، هي الإطار الأمثل للخروج من الأزمة السياسية حتى بعد الإعلان عن فشل الحوار في التوصل إلى وفاق وتوافق تام .
ولا بد إذا من أن يضاف لخارطة الطريق برنامج يحدد منهج الإصلاحات التي تتطلبها المرحلة القادمة لكي نضع قطار الإنتقال بتونس على سكة التغيير والإصلاح ، وبالتالي تأتي حكومة منتخبة دائمة لتواصل المشوار في مسيرة هذا الإنتقال الديمقراطي والإصلاح الجذري الذي نادت به الثورة.
وهكذا  يصبح التوافق حول تنظيم استفتاء حول الدستور وتنظيم الإنتخابات في أقرب الأوقات ، وحول منهجية الإصلاح في برنامج الحكومة الإنتقالية المؤقتة القادمة ، من أسس خارطة الطريق القديمة الجديدة.

v     دور مستقبلي استراتيجي ومحوري لمجلس تأسيسي "مستضعف ومهمش":
حان الوقت لكي يقوم المجلس التأسيسي باسترجاع زمام الأمر وروح المبادرة، وفرض رؤية الشعب وممارسة سيادته على أرض الواقع ، والسيطرة التامة على المتغيرات عبر توقع اللامتوقع والتخطيط عبر السيناريوهات والتجهز لكل المفاجات التي قد تطرأ على الساحة السياسية.

ومن المفارقات أن هذا المجلس المستضعف والمهمش والمطعون في شرعيته هو المؤسسة الوحيدة التي احترمت خارطة الطريق رغم محاولات تهميشه ووأد إرادته وضرب فاعليته ونجاعة لجانه.
إن هذه المبادرة لكونها نابعة من تحت قبة أقوى سلطة موجودة اليوم في البلاد،  فإن نجاحها مضمون بإذن الله رغم كيد الكائدين للديمقراطية الناشئة التي جائت بها الثورة، شرط:
أ‌.        تبني أغلبية الثلثين (على الأقل) لخارطة الطريق التي اقترحها الرباعي والسعي لتنفيذها بنفس الرزنامة وبنفس الشروط.
ب‌.    فرض تنفيذ بنود خارطة الطريق بنظام الأغلبية ، ومنها تحديد رئيس الحكومة الجديد والمحايد .
ت‌.    وضع برنامج إصلاحي مرحلي تلتزم به الحكومة الإنتقالية الرابعة ويستجيب لاستحقاقات الثورة ويساهم في إنقاذ الوضع السياسي والإجتماعي والإقتصادي المتردي  ويضمن بلوغ إنتخابات حرة ونزيهة بمراقبة أممية ودولية تحت ظل دستور يستفتى عليه كل التونسيين والتونسيات.

I.                        الإستفتاء حول الدستور والإنتخابات:
لابدّ من الإسراع حسب خارطة الطريق للإنتهاء من صياغة الدستور وإقراره فصلا فصلا ومن ثمة  تنظيم استفتاء حوله في أقرب وقت ممكن.  وهذا يتطلب تفعيل الآليات المتعلقة بالانتخابات من الإعلان عن التكوين الرسمي للهيئة العليا للإنتخابات ، إلى صياغة قانون الإستفتاء وإقرار المجلة الانتخابية وغيرها من القوانين التي تنظم الحملات الإنتخابية للأحزاب وتحدد سبل تمويلها.

ومن المفترض أن يضيف المجلس إلى خارطة الطريق ورزنامته تاريخا جديدا ، وهو تاريخ إجراء الإستفتاء،  بما سيضفي مصداقية كبيرة  على المبادرة ، ويعطي الشعب ثقة في نفسه من جديد وفي المجلس التأسيسي الذي انتخبه يوم 23 أكتوبر 2011 .

هذا و يتوجب على كل الكتل النيابية التي توافق هذا التمشي في المجلس الوطني التأسيسي التوقيع على "وثيقة عهد الإستفتاء والإنتخابات" يلتزمون بموجبها بالإسراع للوصول إلى الإنتخابات المقبلة وعدم التخلي عنها مهما حدث وسيحدث .


II.                        الحكومة الإنتقالية الخامسة - حكومة كفاءات محايدة منبثقة من التاسيسي :
لقد اهترئت مصداقية الحكومة الإنتقالية الرابعة رغم تحييد وزارات السيادة ، وصار لزاما سحب الثقة منها من طرف المجلس الوطني التأسيسي وتكليف شخصية وطنية محايدة تسهر على تكوين حكومة كفاءات مستقلة عن كافة الأحزاب السياسية.
إن أحد أهم أسباب الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد هو ضعف حكومتي ما بعد 23 أكتوبر وارتباكهما بسبب حادثتي الإغتيال السياسي وحوادث الإرهاب المتفرقة وانعدام برنامج إصلاحي جريء، مما فسح المجال لاستشراء الفساد وحال دون إعادة بسط الدولة لسلطة القانون وضياع هيبتها وهو ما استغلته القوى المضادة للثورة للعودة إلى المشهد مستفيدة من عدم الخوض في الإصلاحات لترميم المنظومة السابقة وعرقلة مساعي الإصلاح.

لذا وجب على المجلس التأسيسي أن يسترجع زمام المبادرة ويفرض تنفيذ خارطة الطريق مع برنامج عمل تلتزم به الحكومة المؤقتة القادمة للوصول بالبلاد لإنتخابات يمكن أن تمثل المكسب الثوري الذي طالما حلم به الشعب في اختيار من ينوبه ويحكمه في ظل دستور جديد واضح ومتجذر.

  و يبقى نجاح هذه المبادرة رهين تقبل الأغلية في مجلس الوطني التأسيسي لها.