jeudi 18 octobre 2012

"عنف" بأي حال عائد أنت يا "عنف"


ما تفتأ الأجواء العامّة في البلاد تهدأ قليلا حتى تطّل علينا رؤوس الفتنة من جديد مروّجين لمظاهر العنف السياسي والإيديولوجي، في محاولات مشبوهة ومحمومة للقفز على الأحداث والركوب على الثورة والمتاجرة الرخيصة والخسيسة بمصائب ومآسي الآخرين، ولما لا فمصائب قوم عند قوم فوائد سياسية.

اليوم عاد العنف السياسي إلى واجهة الساحة السياسيّة من جديد بعد الاعتداء على مظاهرة سلمية في تطاوين بقنابل المولوتوف ، وتطورت بعدها الأحداث والشحن الحزبي مما أدى لوفاة الكاتب العام الجهوي لاتحاد الفلاحين بولاية تطاوين والذي يشغل منصب منسق عام لحزب نداء تونس بولاية تطاوين.

وبالأمس كان الدور على النائب عضو الهيئة التنفيذيّة لحزب نداء تونس السيد إبراهيم القصّاص مما ترك انطباعات مختلفة عند المواطنين لاسيما بعد ذهابه لمنطقة منزل تميم بنابل وسط مجموعة من الحرّاس الشخصيين وتم الاعتداء عليه بالعنف اللفظي والمادّي. وبغضّ النظر عن الأطراف المتورطة في ذلك والتي سيكون التحقيق الأمني هو الفيصل فيها، فإنّ مثل هذا السلوك والمشهد يُذكّرنا بمشاهد أخرى سابقة في نفس المنطقة بأسماء وعناوين مختلفة. فالعنف السياسي مهما كان مصدره ومأتاه والطرف المتضرر منه مرفوض جملة وتفصيلا.  بالأمس رأينا "أحرار قليبية" وهم يتصدون "حصنا منيعا للمدّ الرجعي" صفّق له الكثيرون لمّا أطرد الأستاذ راشد الغنوشي قبل الانتخابات من بلدتهم. وبالأمس أيضا أطرد الدكتور يوسف الصديق من قليبية بسبب "زندقته" من قبل مجموعة من "حماة الشريعة والدين" ومنعوه من إلقاء محاضرة فكريّة. أما عن جبين الأستاذ عبد الفتاح مورو الذي  فتح بعد غزوة القيروان ، فحدث ولا حرج ...

ووتتكرر المشاهد والأحداث وتعود بين الفينة والأخرى بأشكال يندى لها الجبين وضدّ شخصيات سياسيّة ووطنيّة وبدوافع عديدة ومختلفة ومن أطراف وجهات متنوّعة ومتطرفة لأفكارها ومعتقداتها سواء الدينيّة أو السياسيّة..


فجموع باسم الثورة وحمايتها من الأزلام والفاسدين والتجمعيين..  وآخرون باسم حماية رموزهم وقياداتهم، والبعض باسم الدين والعقيدة والمقدّسات ... وكلّ يُغني بليلاه ، وهلمّ شرا وعنفا وفرقة.. والأكيد أنّ الثورة والبلاد والشعب جميعهم لن يخرجوا مستفيدين من هذه الممارسات التي لا تصبّ إلاّ في مصلحة المتربصّين بالبلاد الطامعين في السيطرة عليها وبسط نفوذهم فيها واقتسام مدّخراتها وسلب ثرواتها وخيراتها..

كلّ هذه الأشكال والممارسات ونحن على أبواب انتخابات جديدة والتأسيسي لمرحلة ما بعد الدستور، لن تزيد الوضع إلاّ تأزّما ولا الحكومة إلاّ ارتباكا كبيرا وتحديا واضحا لإثبات جدارتها وقدرتها على ضبط أمن البلاد لاسيما بعد الأحداث الأخيرة وما أعقبها من تشديدات أمنيّة كبيرة كانت أشبه باستعراض أمني وعسكري في أكثر من مكان بالعاصمة.

ولاشكّ أنّ عودة شبح العنف السياسي مجدّدا لاسيما ضدّ حزب بعينه تثار حوله يوميّا عديد الجدالات والتجاذبات ويُرمى باتهامات كثيرة لغايات تحريضيّة واستفزازيّة، وهو يطرح تحديا لرجال الأمن كي يضربوا بقوّة على أيدي العابثين بالأمن والمروّجين لثقافة العنف السياسي التي قد تتويع رحاها فتأتي على الأخضر واليابس. وعلى قوات الأمن أن تسترجع عافيتها بسرعة وتتجاوز أخطاءها للمضي نحو أمني جمهوري يقطع مع كلّ أشكال الماضي ويؤسس لمستقبل آمن في ظل أمن جمهوري شعبي غير متحزّب ولا مُسيّس ولا منحاز ليمين أو يسار من أجل تأمين انتقال ديمقراطي سليم في مناخ ملائم، لاسيما عندما يحمى وطيس الانتخابات المقبلة التي تفصلنا عليها أشهر قليلة، والتي لا يُهدّدها غير ما تشهده البلاد اليوم من عنف سياسي أعمى وجارف.
هل ستتصاعد حمّى العنف السياسي بعد العيد ، وهل سنواصل في العيش يوميا على هامش ما نُسميه عنفا فكريّا وأيديولوجيّا، يُمارس ضدّ العقول والأفكار، يقتنص الفرص السانحة لتوظيفها والركوب عليها وتوجيهها حسب المآرب السياسية والشخصية لأصحابه؟؟
ربي يحسن العاقبة...

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire