jeudi 6 septembre 2012

مصيرنا ومستقبل ثورتنا بين "إكبس" و " إرخف"

مصيرنا ومستقبل ثورتنا بين "إكبس" و " إرخف"

بقلم إسكندر الرقيق
ناشط سياسي
وخبير في الإقتصاد والتخطيط الإستراتيجي


متأخرة وربّما في غير وقتها - وكان من المفترض أن تكون الحكومة في غنى عنها لو هي عرفت منذ البداية من أين تبدأ وفعلت بجدية آليات العدالة الإنتقالية منذ الوهلة الأولى- تلك هي الحملة التي أعلن عنها شباب حركة النهضة ولجان حماية الثورة الأشاوس مؤخرا للدفع نحو سياسة حكوميّة أكثر حزم وصرامة في التعامل مع مخلّفات النظام البائد.

ولئن كان يُستشف من عنوان هذه الحملة "اكبس" معاني كثيرة، فإنّ رسالتها غير مشفّرة ومدلولها شامل عام وصل لكافة القطاعات والميادين. إذ أنّ هذه الحملة تعتبر اعترافا واضحا بضعف مردوديّة الحكومة وربّما حتى فشلها في إدارة ملفات المحاسبة والعدالة الإنتقالية التي مازالت تتراكم على مكاتب القضاة والمسؤولين. وقد أراد القائمين عليها تصحيح المسار ولفت الانتباه وتحفيز إرادة المحاسبة والتطهير التي يبدو أنّها خبت في نفوس حكّام الترويكا عموما وقيادات حزب الأغلبية الحاكم على وجه الخصوص. فهل نحن في حاجة اليوم فعلا وفي هذه المرحلة بالذات إلى حملة من هذا النوع وبهذا العنوان الذي يحمل بين طيّاته الكثير من المرامي والمعاني؟؟

هل نحن بحاجة إلى "اكبس" وبالتالي الاعتراف بغياب الإرادة سابقا في "الكبس" أي محاسبة الفاسدين و"الكبس" في إدارة الشأن العام؟ أم نحن في حاجة إلى التوافق والتشاور حول آليات "الكبس" وطرقها ومنهجها الشفاف الذي يقتضي لزاما وجود نيّة صادقة لإرساء العدالة الإنتقالية بدون حسابات ضيقة، وننتهي بمصالحة وطنية شاملة ننطلق بعدها للبناء ولم الشمل ، بحيث لا تستغل "إكبس" لأغراض حزبية وانتخابية أو تكون سيفا مسلطا على الرقاب يستعمل لإدخال المخالفين في الرؤى لبيت طاعة الحكم .

ولاشكّ أنّ من أهداف "اكبس" في هذا السياق أن تظهر الحكومة استفاقة جدّية من غفوتها إزاء عديد المسائل والقضايا من قبيل التعجيل بإجراءات العدالة الانتقاليّة المنشودة، ومزيد ضبط الخروقات الأمنيّة ومحاسبة الفاسدين القدامى والمفسدين الجدد الذين يريدون جرّ البلاد إلى المجهول. ولـ"اكبس" هنا مشمولات كثيرة تستدعي مجهودات كبيرة، منها:
"اكبس" على ناهبي أموال الشعب، وقاتلي شهداء الثورة..
"اكبس" على المتهربين من الضرائب والآداءات البلديّة ..
إكبس على العابثين بالبيئة والأمن بأصنافه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والجريمة المنظمة...
إكبس على ظاهرة العنف السياسي والتسلط الدعوي والمذهبي والحركي داخل المساجد وفي الفضاءات الثقافية والسياسية...
"اكبس" على سلوكات التقاعس في العمل لاسيما ظاهرة التسيب الإداري والغش بكافة أنواعه..
إكبس على الإحتكار والتهريب والإعتصامات العشوائية والإضرابات اللاقانونية...
"اكبس" على القرارات المتسرعة والاعتباطيّة والخطابات العفويّة والشعبويّة..
ولـ"اكبس" دون شكّ مشمولات أخرى عديدة.. ولكن هل يقف الأمر فقط عند "الكبس"؟؟
أوليس لـ"إرخف" أيضا نصيب من الإجراءات الحكوميّة المطلوبة في المرحلة الحالية؟ أولسنا في حاجة إلى تيسير بعض الأمور والممارسات والإجراءات ليكون الآداء الإداري والجماعي والفردي أكثر فاعليّة ومردوديّة؟؟

نحن بحاجة أيضا بالتوازي مع "اكبس" إلى "إرخف".. نعم "إرخف" وبكل حزم!!

"إرخف" للقيود المسلطة على الاقتصاد والإجراءات الإداريّة المعقّدة والقوانين المقيّدة للمصالح، فتحرير الاقتصاد يقتضي التسهيل في كلّ القيود والمعرقلات وتبسيط الإجراءات. إذ يجب على حكومتنا أن تعي أن معالجة الفقر تتمّ من خلال توسيع وتحرير الأسواق، وتسهيل المعاملات في هذه الأسواق، وزيادة الإنتاج والإنتاجيّة، والشّغل والتّشغيل، والإستثمار والرّبح.
يجب على حكومتنا الموقرة والمؤقتة أن تفهم أن الإستثمار لا ينتعش في ظل العراقيل والتعقيدات التي تحده وتضيق عليه، وهنا تأتي "إرخف" لتقوم بمفعولها السحري في الإقتصاد...

وإننا اليوم نلاحظ أن سوقنا ليست مؤهلة لاستيعاب الطّلب والإنتاج الإضافيّ لأن هناك معوقات إدارية وقوانين مكبلة وإجراءات مطولة تعطّل نموه وتطوره.
وستكون "إرخف"  هي كلمة السر لإزالة هذه العراقيل والتّضييقات أمام المبادرة والإستثمار والنّشاط الإقتصاديّ بصفة عامّة.
ولا يكون ذلك إلا بقوانين استثنائية وبإعلان حالة طوارئ إقتصادية تعتمد الكلمة السحرية "إرخف"..

يا سادتي أصحاب القرار:
"إرخفوا" المنظومة المتسلّطة في الإدارة البيرقراطية العقيمة..
إرخفوا" قيود الديوانة والجمارك وإجراءاتها الطويلة والمعقدة..
إرخفوا" من العقليات المكبلة والمعطلة لمصالح الآخرين..
"إرخفوا" في منظومة احتكار السلطة والمعلومة والقرار، في عهد التكنولوجيات الحديثة ، إذ لا مكان لسجن المعلومات والمعطيات والأرقام والاحصاءات..
"إرخفوا" في عقليّة التعاطي والتعامل مع المواطن ، فنحن اليوم في حاجة إلى تحرير القيود لفتح أفق الإبداع وتطوير البلاد والعباد..

واعلموا أنه لا توجد "اكبس" بدون "إرخف" ولا "إرخف" بدون "اكبس" ولتكوني يا حكومتنا المؤقتة بينهما قواما..  لا تكوني ليّنة فتُعصري، ولا تكوني يابسة فتُكسري... فتونس ومستقبلها هو بين "إكبس وإرخف"...

وسوف نطلق حملة "إرخف" في ثورة على القوانين والإجراءات العقيمة التي فصلت زمن الإستبداد على مقاس بن علي وعائلته وأزلامهم لحكم رقاب العباد والتحكم في مصير البلاد... فانتظرونا...

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire